تصدير
من البديهي أنّ معرفة سند الحديث تعتبر من أهم و أوسع سبل الوصول إلى
معرفة اعتبار الحديث و التعويل عليه. و غالبا ما تتيسّر هذه المعرفة عن
طريق المصادر التاريخية التي تتناول موضوع الرواة و رجال الحديث. و في
ميدان علم الرجال تؤخذ تصريحات المشايخ المتقدّمين في الجرح و التعديل
كواحدة من ملاكات معرفة الراوي.
و من جملة أعلام علم الرجال في القرنين الرابع و الخامس للهجرة، الحسين
بن عبيد اللّه الغضائري، و ابنه أحمد بن الحسين الغضائري. و هذا ما جعل
كتاب ابن الغضائري يحظى بأهمية فائقة بين الكتب الرجالية المهمة في ذلك
العصر؛ أي كتب رجال الكشي، و البرقي، و النجاشي، و رجال و فهرست الشيخ
الطوسي.
فقد وضع تقييمه للرواة في هذا الكتاب على أسس خاصّة به في الجرح و
التعديل. بيد أنّ مرور الأيام و تعاقب الدهور حال دون وصول هذا الكتاب إلى
أيدي علماء رجال القرون المتأخّرة. و لم تبق منه إلّا فصولا وردت في مجمع
الرجال لعناية اللّه القهبائي، و قد حظيت هذه الفصول باهتمام العلماء الذين
جاءوا من بعده.
من جملة الهموم التي بقيت تراود أذهان الباحثين المعاصرين في حقل علم
الرجال هي الحصول على أصل كتاب الرجال لابن الغضائري، ثمّ بحث و تمحيص
الأسس الّتي اعتمدها المؤلف في تقييمه للرجال.
و قد تمّ هنا إنجاز الشقّ الأوّل من هذه المهمّة، و جرى استلال نصّ كتاب
الرجال لابن الغضائري و مستدركاته المستقاة من مختلف نصوص كتب الرجال، و
هكذا تمّ إحياء الكتاب بأسلوب علمي متقن على يد الأستاذ السيّد محمّد رضا
الحسيني الجلالي.
من المزايا الّتي يتّصف بها تحقيق السيّد الجلالي هي المقدّمة الرصينة
المقتضبة، و كذلك الفهارس الفنّية الّتي تسهّل سبل الاستفادة من هذا
الكتاب.
و نحن إذ نتقدّم له بالشكر و الامتنان، نأمل أن نطّلع في القريب العاجل على شروحه و تعليقاته على هذا الكتاب.
قسم الرجال محمّد كاظم رحمان ستايش